كيف تكتــــب السيناريو السينمائي؟


كيف تكتــــب
 السيناريو السينمائي؟ 

من المعروف أن الصناعة السينمائية لاتنبني إلا على عنصرين أساسين لايمكن الاستغناء عنهما ، وهما: السيناريو والإخراج. فإذا كان الإخراج هو تركيب الفيلم وتحويل السيناريو إلى مشاهد مرئية حركية تقطيعا وتصويرا وتوليفا، فإن السيناريو هو عبارة عن قصة حكائية مروية عن طريق الكاميرا، أي إنه عبارة عن قصة مصورة في لقطات فيلمية ومشاهد وبكرات توصل الفكرة إلى المتفرج قصد التأثير عليه إيجابا أو سلبا. ومن هنا، فالسيناريو هو مضمون الفيلم ومادته الإبداعية التي يشاهدها المتفرج، بينما الإخراج هو مجموعة من الطرائق الفنية والجمالية الشكلية والتقنية التي يلتجئ إليها صانع الفيلم ومحققه لإخراج الفيلم وصناعته وإنجازه تقنيا وإبداعيا. أي يبدأ المخرج عمله بعد تسلم السيناريو من السيناريست ، ويمر عمله بثلاث مراحل أساسية وهي: التحضير للفيلم بعد الموافقة مع المنتج على تنفيذ السيناريو وتمويله، وتصوير الفيلم إجرائيا بعد اختيار المناظر الداخلية والخارجية، والانتهاء بمرحلة التوليف و المونتاج.
هذا، وإن الفيلم المتميز الناجح لايمكن أن يحقق ذلك النجاح إلا إذا كان السيناريو قد بني بطريقة فنية جيدة ورائعة من سماتها: التنسيق والتوليف والتسلسل واحترام التعاقب الزمني والتجديد في المضمون والأطروحة والهدف، والإبداع في الشكل والتقنية والمنظور، وكل ذلك من أجل إثارة الجمهور وجذب انتباهه البصري والسمعي والذهني.
إذاً، ماهو السيناريو؟ وماهي أهم مكوناته السينماتوغرافية؟ وماهي أهم شروطه؟ وماهي المراحل التي يخضع لها تأليف السيناريو؟ وماهي لغاته وتقنياته؟ أو بتعبير آخر ماهي أدوات الكتابة السينمائية التي تسعف كاتب السيناريو في تخطيط حبكته السردية؟ وماهي الطريقة الإجرائية في كتابة السيناريو ؟ تلكم هي أهم العناصر التي سوف نحاول الإجابة عنها في موضوعنا هذا.
1- تعريــــف السيناريو؟
من المعروف أن لفظة سيناريو كلمة إيطالية تعني العرض الوصفي لكل المناظر واللقطات والمشاهد والحوارات التي سينبني عليها الفيلم بطريقة مفصلة على الورقة من التقطيع حتى التركيب والمونتاج. ولم يحظ السيناريو بالاهتمام إلا مع استقلال السينما باعتبارها فنا له خصوصياته الفنية والجمالية والتقنية على غرار الفنون الجميلة الأخرى، وصار هذا الفن بعد ذلك يلقب ضمن شبكة الفنون الجميلة بالفن السابع ، وعد فنا وصناعة تجارية مدرة للربح. وازدادت قيمة السيناريو مع الفيلم الناطق سنة 1927م مع فيلم "مغني الجاز" لألان گروسلاند. وأصبح للسيناريو متخصص يسمى بالسيناريست يتعاقد معه المنتج من أجل صناعة الأفلام، وقد يكون السيناريست كاتبا أو شاعرا أو مخرجا أو هاويا أو محترفا.
وتستمد فكرة السيناريو من قصاصات الصحف أو من مضامين بعض المسرحيات أو من القصص أو من الروايات سواء أكانت قديمة أم حديثة أو من أرشيف المحكمة أو من التاريخ أو من وقائع اجتماعية وسياسية وثقافية أو تقتبس من التراث الأجنبي أو العالمي أو الإنساني.
وإذا كان الفيلم عبارة عن قصة مصورة ومشخصة حركيا تروى للجمهور على الشاشة الصغيرة أو الكبيرة أو هو فن سرد القصة بالصور، فإن السيناريو هو التخطيط للفيلم على الورق، أي إنه تخطيط للقصة السردية الحكائية في شكل لقطات ومقاطع ومشاهد وبكرات وحوارات على الورقة لكي تكون قابلة للتشخيص والتمثيل والتمسرح الدرامي في الأستوديو الداخلي أو الخارجي. كما أن السيناريو قصة سردية تكتب بطريقة مشخصة بالحركات والنقل المرئي البصري.
وللتوضيح أكثر: فكاتب السيناريو هو الذي يضع حوارات مكثفة مقتصدة على ألسنة شخصيات محددة بدورها بدقة على عدة مستويات: سيكولوجيا وأخلاقيا واجتماعيا وسلوكيا عن طريق تقطيع القصة إلى بكرات ومقاطع ومشاهد ولقطات حركية مع إبراز أمكنة الأحداث وأزمنتها وتبيان مناظرها ومنظور الكاميرا والديكور والإكسسوارات والإضاءة والمؤثرات الصوتية والموسيقية.
وتأخذ اللقطات والمشاهد والمقاطع والبكرات طابعا تعاقبيا في السيناريو، وتأخذ كل جملة سردية رقما متسلسلا معينا ، ليقوم المونتير فيما بعد بترتيب الإيقاع الزمني والحدثي تتابعا أو توازيا أوتداخلا. ومن هنا، فالسيناريو عبارة عن شريط سردي ووصفي يهدف إلى تقديم الأحداث والشخصيات والفضاء الزمكاني مع تقديم كل المعلومات الضرورية إلى المشاهد عبر مكونات الحبكة السردية. وهناك نوعان من السيناريو: سيناريو خاص يتعلق بالسينما، وسيناريو عام يوجه إلى المسرح والإذاعة وغير ذلك من الاختصاصات الإعلامية.
وعلى أي، فالسيناريو الخاص:" هو الذي يكتب أصلا لغاية إنتاج فيلم سينمائي، وغيره هو ذلك الذي يحور عن نص موضوع لغير السينما كالقراءة والإذاعة أو المسرح.
جميع أنواع السيناريو دعامة أساسية للفيلم، إنجازه يوكل للمحترفين الممارسين، ومع ذلك فالسيناريو ليس ممتنعا على غير المحترف. فإنشاؤه في متناول حتى السينمائيين الهواة، لأنه يبدأ بفكرة صغيرة حتى ولو كان لأضخم الأفلام وأجودها، وبناؤه هو الذي يكسوه بتلافيف مهما تعددت قنواتها فلابد أن تصب كلها في جدول واحد يقود إلى الفكرة الأصلية التي قد تكون صغيرة بالغة الدقة في الصغر.
مثل هذه الأفكار الصغيرة وحتى الكبيرة منها، يمكن العثور عليها في الوقائع اليومية العادية، فالمهم أن تكون فكرة المحور تتضمن: ماذا وقع؟ وأن يكون كساؤها هو: كيف؟ وتعليل ماوقع.". ومن جهة أخرى، فالسيناريست هو الذي يتخصص في كتابة السيناريو المعد لإنتاج الفيلم السينمائي، وكاتب السيناريو طبقا للفصل (31) من ظهير29-07-1970 م في القانون المغربي المتعلق بالصناعة السينمائية" يتمتع بصفة مؤلف سينمائي، وبالتالي تشمله الحماية القانونية كشريك في المصنف السينمائي إلى جانب المخرج وواضع الموسيقا" . ويعني هذا، أن السيناريست له مكانة محترمة في مجال صناعة السينما، وله ضمانة تشريعية وحماية قانونية مادام هو صاحب الحق ومالك العمل الذي يقوم عليه الفيلم.
ولا يجوز للمخرج أو المنتج إطلاقا أن يتعديا على حقوق السيناريست أو كاتب السيناريو، فلا بد من تعاقد موثق ومثبت قانونيا ، لكي تصبح الشراكة قانونية ، وبالتالي، يصبح العمل مشروعا وقابلا للتمويل والدعم من قبل المراكز السينمائية الوطنية.
2- العوامل التي تتحكم في السيناريو:
يراعي السيناريست في بناء قصته ثلاثة عوامل رئيسية، وهي: التوازن، والتوقيت، والاقتصاد.
ويعني هذا أن قصة السيناريو لابد أن تكون متوازنة في عناصرها متناسقة في محطاتها السردية التي تستند إليها الحبكة القصصية. فالتوازن هو الذي يحقق النجاح للفيلم، فالعناصر لابد أن تتضام وتتشابك داخل نسق فيلمي متوازن في علاقة بالتوقيت والمتفرج الذي لايستطيع متابعة الفيلم في جلسة واحدة أكثر من ساعتين. كما يستوجب التوازن مراعاة عدد المشاهد في علاقتها بمدة الفيلم وطول شريط السيلولويد، وتحقيق الانسجام بين البداية والعقدة والنهاية، وضبط الوقت بشكل متوازن بين مشاهد البكرة الأولى والبكرة الثانية والبكرة الثالثة.
ويقصد أوزويل بليكستون بالتوازن:" القصة المتكاملة التي تترك المتفرجين قانعين بأن كل عنصر من عناصر القصة قد نال نصيبه من الأهمية. والتوازن والتوقيت يتداخلان. ولكن من الممكن أن تجد توقيتا جيدا في قصة ما دون أن تجد فيها توازنا جيدا.".
ويفهم من هذا التعريف أن جميع العناصر المكونة للقصة ينبغي أن تكون متوازية ومتوازنة. وللتمثيل: فالفيلم الذي يستغرق ساعتين يتكون تقريبا من 120 مشهدا، كما ينبني السيناريو على ثلاث محطات سردية أساسية وهي: البداية ، وعقدة الحبكة أو مايسمى بالصراع، والنهاية التي فيها يتم حل المشكل الذي يواجهه البطل أو الشخصية المحورية. فإذا أردنا أن نقسم هذه المشاهد بشكل متوازن، علينا أن نعطي الأهمية الكبرى للصراع مع الإكثار من مشاهده بالمقارنة مع البداية والنهاية. لذا، نخصص للبداية والنهاية ثلاثين مشهدا، بينما نخصص للصراع ستين مشهدا باعتباره أهم مرحلة في عملية الكتابة السردية والمعالجة الدرامية المعقولة. ويضفي هذا التقسيم على الفيلم نوعا من التوازن على مستوى التقبل والقراءة. كما أن الاتساق والانسجام ووضوح المقروئية بالإضافة إلى المتعة والفائدة من العناصر التي تساهم في توفير التوازن الهرموني والتركيبي للفيلم السينمائي. أما التوقيت فهو عنصر مهم في بناء السيناريو، فكل لقطة أو مشهد أو مقطع أو بكرة لابد أن يخضع فضاؤها السردي للتوقيت المقنن والمحدد بطول مدة الفيلم الذي يتراوح بين 90 و120 دقيقة في جلسة واحدة. فمن المعهود أن المتفرج لايمكن أن يجلس أكثر من هذه المدة ؛ لأنه يحس بالملل والضجر والضيق أمام الأفلام الطويلة.
ويمكن للكاتب في مجال الرواية أن يكتب الكثير من الصفحات بل مجلدات، فهو غير مقيد بالوقت؛ لأنه حر في كتابته التخييلية، فهو يكتب لقارئ ضمني متفرغ للكتابة. ولكن السيناريست غير حر فهو مقيد بمدة الشريط ومدة الفيلم، ومقيد كذلك برغبة المتفرج الذي لا يستطيع أن يجلس أكثر من ساعتين ؛ لأن له جلسة واحدة محددة زمنيا ومؤسساتيا وسيكولوجيا وعضويا. إذاً، لابد أن يراعى السيناريست التوقيت أثناء كتابة الجملة السردية السينمائية و يكيفها حسب مدة العرض، ولابد أن يراعي وقت المشاهد وغيرها من العناصر الأخرى التي تدخل في إطار صناعة الفيلم.
 خطوات كتابة السيناريو:
قبل الانطلاق في كتابة السيناريو لابد من بلورة فكرة درامية صالحة للتشخيص والتمثيل السينمائي وتشكيلها في تيمة محورية مثل: الصراع بين الحب والكراهية. وبعد ذلك يلتجئ كاتب السيناريو إلى كتابة ملخص أو سينوبسيس في صفحة إلى ثلاث صفحات. ومن خلال فكرة السيناريو، يمكن الحديث إما عن سيناريو أصيل وإما عن سيناريو مقتبس. وبعد ذلك يطوع السيناريست ما يكتبه من حوارات وحبكة سردية حسب إيقاع الشريط ( السيلولويد) وطول الفيلم ومدة عرضه في قاعة السينما. ويبدأ الكاتب في تحديد الجمل السينمائية أو اللقطات التي تتغير بتوقف الكاميرا، لينتقل بعد ذلك إلى ترقيم المشاهد التي تتغير بتغير الزمان والمكان والشخصيات.
وهناك من الكتاب من يراعي أثناء كتابة حوارات السيناريو مستلزمات التصوير والإخراج السينمائي، إذ يحدد المناظر والإكسسوارات وطبيعة الكاميرا وزوايا التأطير وسلم اللقطات وطبيعة الصوت والمؤثرات الموسيقية والتأشير على مدة اللقطة والمشهد والمقطع والبكرة طوال الفصول الثلاثة. وقد قلنا سابقا: إن كاتب السيناريو لابد أن يعالج قصته الحركية معالجة درامية، حيث يطرح في الفصل الأول القضية أو المشكل، وفي الفصل الثاني يعقد الأمور والأحداث ليبلغ عبرها التعاقب السردي مداه الدرامي بطريقة جدلية تصاعدية، ليخف الصراع الجدلي في الفصل الأخير بإيجاد الحل أو نهاية للمشكلة.
وغالبا ما يستفتح السيناريو أو الفيلم بالجنيريك الذي يحدد عنوان الفيلم ويذكر جميع المشاركين الذين ساهموا في إنجازه وتحقيقه . وبعد ذلك ينبغي أن تكون الافتتاحية السينمائية جذابة مشوقة، يعقبها الصراع الجدلي الذي قد يكون شخصيا أو ثنائيا أو جماعيا، مقبولا ومؤثرا وهادفا وممتعا، لينتهي السيناريو أو الفيلم بنهاية إما مغلقة يقدم فيها حل المشكلة وإما منفتحة تترك المتفرج يتخيل الصور ويخمن الافتراضات الممكنة ويستشرف الأحداث المستقبلية ويتلذذ بخلقها وتصويرها وتخمينها.
ومن هنا، لابد أن يكون السيناريست ملما بالكتابة السردية القصصية أو الروائية أو المسرحية، وأن يلم كذلك بفن التشكيل البصري؛ لأن هناك من يرفق حوارات السيناريو بالصور التشكيلية البصرية أو بلقطات الكاميرا. كما عليه أن يكون ملما بتقنيات التصوير وأنواع الكاميرا وطرائق الإخراج وعمليات التقطيع والتركيب ( المونتاج)، فضلا عن تمكنه من لسانيات التصويت والاطلاع على أنواع الموسيقا. وينبغي أن نعرف أن السيناريو الجيد قد يعطينا فيلما جيدا أو رديئا، بينما السيناريو الرديء لا يعطينا إلا فيلما رديئا. لذا، يعد السيناريست والمخرج من أهم الدعائم الرئيسية التي يقوم عليها الفيلم الناجح.
هذا، وقد ذكر السيناريست الفرنسي المحترف جان فيري في حوار أجراه معه الأديب فرانك أو طيرو مؤلف كتاب" أحب السينما" الذي صدر سنة 1962م خطوات كتابة السيناريو قائلا:" إن أول عمل يقوم به حين يكلف بالكتابة هو إيجاد خط تتعلق به حوادث الفيلم والعمل على كتابة ملخص أو معالجة درامية تشكل فكرة عامة للموضوع، ثم بعد ذلك ينتقل إلى كتابة التتابع أي خلق سلسلة متتالية من المشاهد تجسد ماروي في القصة، وفي هذه المرحلة تبرز الشخصيات بوضوح وهي تتحرك وتتطور تطورا دراميا ، ثم تلي بعد ذلك مرحلة الحوار الذي يدور بين شخصيات القصة". ويعني هذا أن السيناريو يستند إلى إيجاد فكرة سينمائية عامة، وتوضيحها في ملخص عام، واللجوء إلى التعاقب وتتابع الصور التي توضح العقدة في اتساقها وانبنائها وتوازنها وتسلسلها، وكتابة الحوارات على ألسنة الشخصيات. ولكن لابد من تخطيط هندسي سينمائي وتقني لكل تمفصلات الحبكة مرسومة على الورق سيساعد المصور والمخرج والموسيقي على تنفيذ الفيلم وخلقه في أحسن صورة وأبهى حلة.
أما السينوبسيس فيلخص لنا كل مراحل السيناريو، ويعرض غالبا في قاعة العرض أمام الجمهور إما في شكل ملخص مثبت في جنيريك الملصق، وإما في شكل صور منتقاة بدقة تبين مسار الفيلم حركيا وجدليا.
ومن المعروف أيضا أن" نسخة السيناريو تصحب مدير التصوير ومساعده، والممثلين في قراءة أدوارهم، كما أنها تشكل مرجعا أساسيا خلال عملية التوليف للحسم في اختيار أهم اللقطات من بين اختيارات أخرى. عدو السيناريو وبالتالي الفيلم، هو السرعة في المعالجة، وإغفال التفاصيل. ولعل نجاح الأفلام الأجنبية، بالإضافة لحسن أداء الممثلين والإمكانيات المادية، يتجلى في تركيز السينمائيين كتابا وتقنيين، ومخرجين على كل الجزئيات. وتجد أن مثل هذه التفاصيل الدقيقة، هي التي تعطي للفيلم، في نهاية المطاف، تميزه ونكهته الخاصة. لذلك بفضل التأني في عملية ترقيم المشاهد، وتركها لآخر لحظة حتى يحس الكاتب أنه قد استنفذ كل مايريد بسطه، وحسم الأمر لصالح اختيار ما، لأن عملية تأليف المشاهد معقدة ومتداخلة، كما أنها متسلسلة. ومن الطبيعي أن تقفز لذهنه أشياء وتفاصيل، ربما تغافل عنها، أو أحب إضافتها. لذا يفضل أن يترك السيناريو لمدة ما فوق الرف، يتبادر خلالها لذهن الكاتب تنويعات ورتوشات قد تزيد من جمالية لقطة، من مصداقية حركة أو مبررات نظرة.".
وينبغي التنبيه إلى أن كتابة السيناريو لابد أن يخضع للتوقيت كما أشرنا إلى ذلك سابقا، فالمرحلة الأولى يخصص لها نصف ساعة، بينما مرحلة الصراع الأساسية يخصص لها ساعة كاملة، أما حل المشكل فيخصص له نصف ساعة كالمقدمة الافتتاحية. ويساهم هذا التقسيم في خلق التوازن وانسجام الإيقاع الهرموني للفيلم السينمائي.
ولابد عند كتابة التصوير أن يركز الكاتب على كل ماهو ممكن وكائن وأن يبتعد عن المستحيل والخارق ، و يراعي الإمكانيات المادية والمالية والبشرية، وألا يكلف المنتج ما لايطاق، وإلا سيحكم على مشروعه الفكري والفني بالفشل مسبقا. ومن الأفضل لكاتب السيناريو من تكثيف الأحداث والابتعاد عن الوظائف الثانوية أو المجانية، ويترك التفاصيل ويقلل قدر الإمكان من الأماكن التصويرية الخارجية، ويتجنب استعمال المخترعات التقنية الحديثة الباهظة الثمن كاستخدام الدبابات والطائرات وتصوير المعارك الحربية. أي على كاتب السيناريو" أن يتذكر دائما حجم الإمكانيات التقنية والمالية لتحويل مشروعه لفيلم. كما يحاول قدر الإمكان التقليل من الانتقال من مكان إلى آخر نظرا للمصاريف التي يكلفها ذلك، مع الإمكانات التقنية والفنية التي يفرضها التصوير في مكان مظلم أو يصعب الوصول له. فلا يمكن مثلا، رصد ميزانية تصوير مشاهد من الخيال العلمي حيث الصحون الطائرة أو الطائرات المقنبلة. لاحاجة للقول: إن الفيلم الجيد يبدأ مع السيناريو الجيد، إلا أن طريقة الإخراج هي المحك النهائي، والفيصل القاطع في تدارك أخطاء الكتابة، وإضفاء مسحة إبداعية على ماكتب على الورق. غير أن هناك من التفاصيل في بناء القصة، ومواصلة التشويق، وضبط خيوط التطور الدرامي. كل يفضل أن يكون مقيدا على الورق. ومهما حاول المخرج أن يرقع ويخيط ما أمكن، فللسيناريو الكلمة الفصل.".
زد على ذلك لابد أن تكون الحوارات مقتضبة بعيدة عن التخييل الإنشائي واستعمال البيان البلاغي الطويل المسهب. فلابد من استخدام لغة تواصلية واقعية واضحة كما اللغة التي نستعملها في الواقع اليومي بكل حمولاتها الأخلاقية أو القدحية، بشكلها المتكامل أو بشكلها المتقطع أو الغامض المبهم . أي لغة يتكلمها المجتمع ويستعملها الناس العاديون في خطاباتهم التداولية بدون بلاغة زخرفية ولافصاحة متصنعة. كما يشترط في الحوار أن يكون محدودا مختصرا مكثفا قابلا للتشخيص منطوقا أو مشخصا حركيا. ويدخل الحوار" ضمن خانة الصوت الذي يشمل كل مايسمع على الشاشة، بدءا من أبسط صوت، إلى الموسيقا التصويرية، ثم ضجيج الأجواء من مطر أو أزيز محركات أو غيرها. فكما أن الحوار يجب أن لايكون عالما وأكاديميا، لكن طبيعيا مسترسلا، متقطعا، ومقاطعا، غير خاضع للتناوب على من سوف يأخذ الكلمة، غامضا وغير مكتمل أحيانا بمفردات مقتضبة جدا بنبرة قوية وذات ثقة بالنفس وأخرى بإيقاع رتيب ومهدود…". يبدو –إذاً- أن كتابة السيناريو عملية صعبة ومعقدة تتطلب الأناة والصبر والخبرة السينمائية والدراية الأدبية من أجل إبداع عمل جيد يصلح لعمل سينمائي جيد.
6- آليات وتقنيات كتابة السيناريو:
يستحضر السيناريست أثناء كتابة السيناريو جميع التقنيات والآليات التي تستعمل في تحضير وصناعة الفيلم. لذا لابد أن يكتب السيناريو في شكل لقطات مختصرة واضحة هادفة محددة، ثم تدمج في شكل مشاهد ومقاطع وبكرات قصد الحصول على الفيلم. ومن المعروف أن الفيلم يصور على شريط من عرض 35 ملم، وطول يبلغ 2كلم 462 م و40 سم.، وهو مصنوع من مادة السيلولويد المرنة الكثيرة المقاومة. ويتكون الشريط من لفيف الصور المتحركة الذي يوجد إلى جانبيه : شريط الصوت وشريط الموسيقا. كما يضم الشريط الفيلمي 129600 صورة، أما حجم الفيلم فهو0.14 ملم.
ويستحسن أن يكون كاتب السيناريو على علم بسلم اللقطات الذي يتنوع إلى الأنواع التالية:
  اللقطة العامة: تلتقط فيها لقطة عامة وكلية لمجال ما سواء أكان ديكورا أم فضاء أم منظرا عاما، ويمكن أن نشاهد فيه مجموعة من الأشخاص. أي إن اللقطة العامة هي التي تنقل لنا الجو العام والفضاء الكلي الذي ستجري فيه الأحداث.
  اللقطة المتوسطة: تصور الشخصيات بشكل كلي داخل ديكور معين.
  اللقطة الأمريكية: تعمد إلى تصوير الشخصية من الرأس حتى الركبة وخاصة في أفلام رعاة البقر أثناء لحظات المقاتلة والصراع.
  اللقطة الإيطالية: تظهر لنا هذه اللقطة الشخصية من أعلى الرأس إلى ما تحت الركبتين (أي نصف الساق).
  اللقطة القريبة: تلتقط صورة الشخصية أو الشيء بشكل مقرب حيث يحدد الوجه أو الذراع أو اليد بطريقة مقربة واضحة.
  اللقطة الكبرى: تلغي هذه اللقطة المساحة والبعد وتلتقط شيئا مكبرا واحدا.
  اللقطة الكبيرة جدا: تلتقط الأشياء وأجزاء من الشخصية بشكل مفصل كبير بطريقة "الزوم" ، فتكبر العينان أو يكبر الفم مثلا.
ومن الأفضل أيضا أن يلم كاتب السيناريو بالتأطير وزوايا الرؤية التي تنقسم إلى زاوية الرؤية المحايدة العادية، وزاوية الرؤية من أعلى إلى الأسفل التي توحي في بعدها السيميولوجي بالانكسار والسقوط والهبوط والتردي والانحدار؛ لأن هذه الزاوية تهدف إلى تقليص أو تصغير الشخصية أو الشيء . وتتم هذه العملية عن طريق وضع الكاميرا في مكان مرتفع علوي أثناء التقاط هذا النوع من الصور. أما زاوية الرؤية من الأسفل إلى الأعلى، فتوحي دلاليا بالاستعلاء والتفوق والقوة والسيطرة، وترمي إلى تكبير صورة الشيء الملتقط أو صورة الشخصية المصورة. وتكون الكاميرا في هذا الصدد في الأسفل موجهة بطريقة علوية إلى الموضوع المصور.
وتشكل الرؤية" من زاوية علوية أو سفلية لقطات محدودة لايتم اللجوء إليها إلا بصفة نادرة، خاصة إذا ماكانت تضفي على المشهد خاصية جمالية، أو كانت في مجال يصعب التحكم فيه نظرا لصعوبة تضاريسه مثلا، فغالبا ما يستعان بالطائرة مثلا للحصول على لقطات من زاوية عمودية، هي في الواقع نوع آخر من اللقطات المرفوعة، إذ إن الطائرة العمودية يمكن أن تتحرك مثل الرافعة بكل اتجاه تقريبا عندما يستحيل استخدام الرافعة، ويحدث ذلك اعتياديا في المواقع الخارجية، حيث إن اللقطة الجوية يمكن أن تعطينا التأثير نفسه. يمكن أن تكون لقطة الطائرة العمودية كثيرة الترف بالطبع، ولهذا السبب فهي تستخدم قليلا للإيحاء بإحساس شاعري وإحساس جارف بالحرية. تتدخل زوايا الرؤية هنا مع حركات الكاميرا مما يبين أن العمل السينمائي أو التقنيات السينمائية، بصفة شاملة، تسعى إلى تكميل بعضها البعض. إن تحديد وضبط زوايا الرؤية أصبح يتم بشكل دقيق. ففي هوليود مثلا، يمجد مديرو التصوير الصورة عن طريق دراسة زوايا التقاطها، والعمل على مستوى الإنارة. تكتسي زاوية الصورة أهمية بالغة في التعبير، لذلك، فالتقنيون المعاصرون يولونها عناية خاصة أثناء وضع التقطيع التقني لأفلامهم.".
ومن جانب آخر، يستحب لكاتب السيناريو أن يعرف حركات الكاميرا ليعرف طرائق التشخيص والتمثيل وزوايا النظر. ومن ثم، فالكاميرا قد تكون ثابتة المدار( الحركة البانورامية السريعة) أو دائرية أو متحركة أو مرتفعة ككاميرا الزرافة التي تتخذ اتجاهات متنوعة أثناء التقاط صور السهرة والحفلات الغنائية . ويمكن الحديث عن كاميرا يدوية تحمل على الكتف، وكاميرا التراڤلينگ و الكاميرا الثابتة واستعمال عربة الموضوعة فوق السكة والكاميرا المحمولة بواسطة السيارة وكاميرا الزوم وتقوم الإضاءة بدور هام في تشكيل الفيلم السينمائي، لذا لابد من الإشارة إليها في السيناريو: هل هي إضاءة خافتة توحي بالهدوء والصمت والمواقف الرومانسية أم هي إضاءة ساطعة قوية توحي بالعجب أو الخوف؟
ويشمل السيناريو كذلك الجانب الصوتي الذي يتمثل في الضجة والموسيقا والصمت والصوت. ومن وظائف الضجة حسب صلاح أبو سيف:" الربط…فالمشاهد يمكن أن تقطع في لقطات مختلفة ولكن الصوت يربط بينهما. فبينما نستطيع أن ننقل عيوننا بين أشياء مختلفة فإن آذاننا تسمع نفس الصوت. وإذا كانت عدسة التصوير تقوم بدور التقطيع فإن الميكروفون يقوم بدور الربط. مثلا: في مخزن خياط نستطيع أن نصور عشر لقطات. وكل لقطة تصور شيئا مختلفا ولكن صوت ماكينة الخياطة يستمر، كما أن الحوار وسيلة ممتازة من وسائل الربط. وبغض النظر عن الممثلين الذين يظهرون فإن الحوار لا ينقطع. ولا يوجد مونتير مجرب ينتقل من لقطة إلى أخرى حين ينتهي الحوار. فلابد أن يضع نهاية الكلام على صورة شخص آخر. لأنه إذا لم يفعل ذلك كان يعرقل الحركة. كما أنه يعلم أيضا أن من الخطر تغيير اللقطات خلال الصمت.
وشريط السيلولويد الذي يحمل الصور يمكن تقطيعه وتغييره بحرية ، ولكن يجب معالجة شريط الصوت بدقة لأنه شريط مستمر.". ويمكن للموسيقا التصويرية أن تكون مستقلة يضعها الموسيقار بعد استكمال السيناريو والفيلم على حد سواء ، فتوضع الموسيقا إما في الجنيريك وإما داخل الفيلم وإما في نهايته. ولابد أن تكون هذه الموسيقا التصويرية وظيفية وهادفة ومعبرة لتجذب انتباه السامعين وتشنف آذانهم. ويمكن خلق نص موسيقي جديد يوضع في البداية أو حسب الفصول أو يشتغل الكاتب أو المخرج أو الملحن على نص موسيقي موجود أصلا. ويقول صلاح أبو سيف في هذا الصدد:" الموسيقا التصويرية جزء لايتجزأ من شريط الصوت ولكنها ليست جزء ا من القصة. ودليل ذلك أن مؤلفي الموسيقا لا يستشارون عند كتابة السيناريو. فالفيلم يقدم إليهم كاملا ويطلب إليهم تأليف موسيقا تناسب القصة وإن كانوا لا يرضون بهذا الوضع دائما.
والمتفرج العادي يستوعب الموسيقا التصويرية لا شعوريا. ويندر أن ينتبه إلى ما يسمعه، بل إنه قد لا يتذكر بعد خروجه من السينما اللحن الأساسي أو الرئيسي ما لم يكن أحد الممثلين قد غنى هذا اللحن في أغنيته. كما حدث حين استعملت أغنية" بتلوموني ليه" في فيلم لعيد الحليم حافظ يغني فيه نفس الأغنية ، ومع ذلك فالموسيقا التصويرية تشترك اشتراكا أساسيا في تقديم القصة وبالرغم من أنه يقدر أن يلتفت المتفرج إلى وجودها ولكنها إذا افتقدت شعر بغيابها بشكل ملحوظ."
وهناك تقنيات ينبغي أن يستخدمها كاتب السيناريو كالتركيب والتوليف وانتقاء المعلومات وتقسيمها والازدواج والتكرار والتنسيق والتكبير والتكوين والاتساق والانسجام والتحكم في المعلومات وتشابك الصور مع المكونات التقنية الأخرى وتوظيف الصور السينمائية البلاغية كالاستعارات والتشابيه وصور المقابلة والتضاد. فمثلا:حينما تلتقط صورة أمواج البحر وهي تتحرك من اليمين نحو اليسار، في نفس الوقت تلتقط صورة المتفرجين وهم يشجعون فريقهم متحركين يمنة ويسرة، أو تنقل صورة صقر أسود في نفس الوقت الذي تلتقط فيه صورة جنازة. وعليه فوسائل التعبير:" التي يملكها القصاص أسهل بكثير. أما المؤلف السينمائي فإنه يصطدم بعدة عقبات ترجع إلى لغة السينما، فعليه أن يبحث دائما عن تجميعات جديدة ليعبر عن حدوث تطورات في قصته. وهو لايستطيع أن يصل إلى هدفه إلا إذا استغل وسائل التعبير إلى أقصى درجة ممكنة. ويجب ألا ننسى أن السينما تتطلب قصة أغنى وأكمل وأكثر تنوعا من المسرحية. ولا نقصد بهذا المضمون بل مقدار المعلومات التي يجب أن تعطي منها. ففي القصة السينمائية حوادث أكثر، خطوط فرعية وأماكن أكثر وشخصيات أكثر، ولكي نحقق هذه الاحتياجات لابد لنا أن تعطي مزيدا من المعلومات وليس للسينما وسائل سهلة أو مباشرة للتعبير إذا استثنينا الحوار."
ونصل بعد هذا إلى أن كتابة السيناريو تستوجب عناصر مستقلة على مستوى الكتابة السينمائية (لقطة ومشهد ومقطع وبكرة…)، وعناصر متداخلة ومتراكبة (التركيب والتوازن والتركيب والتنسيق…) تساهم كلها في خلق نص حركي ذي نسيج فني متشابك يحقق للفيلم جودته وروعته الفنية والتقنية.
7- نموذج تخطيطي لكتابة السيناريو:
يعتمد كاتب السيناريو على مجموعة من الخطوات الإجرائية التي توصله إلى إمكانية صناعة فيلم سينمائي. وتتمثل هذه الخطوات في رسم خطة هندسية أو خطة سردية وصفية مرقمة للجمل السردية واللقطات الفيلمية من أجل صناعة الفيلم تستلزم جميع المبادئ والقواعد التي تنبني عليها الحبكة السردية ومقومات الصورة السينمائية.
وإليكم مجموعة من الخطوات التي توضح طريقة كتابة السيناريو في صورته التوضيحية التبسيطية:
  تحديد عنوان السيناريو بشكل واضح وهادف وبطريقة فنية ممتعة جذابة؛
  تبيان تيمته الكبرى وفكرته المحورية؛
  كتابة السينوبسيس أو ملخص السيناريو؛
  تخيل الجنيريك مسبقا قصد الاسترشاد به؛
  تصميم الحبكة السردية باحترام الخطوات الثلاث: عرض المشكلة، وتعقيد المشكلة، وإيجاد حل للمشكلة؛
  تقطيع القصة إلى صور متحركة فيلمية في شكل لقطات ومشاهد ومقاطع وبكرات؛
  مراعاة الاقتصاد والتوازن و التوقيت في عملية تقطيع الصور المتحركة وتركيبها؛
  تحديد المناظر والأمكنة التي سيجري فيها التصوير حسب كل مشهد( أمكنة داخلية أو أمكنة خارجية إما عامة وإما خاصة)؛
  ضبط زاوية الرؤية ( رؤية عادية أفقية، ورؤية علوية، ورؤية سفلية)؛
  تبيان سلم اللقطة ( صورة كلية، وصورة متوسطة، وصورة قريبة، وصورة قريبة متوسطة، وصورة مكبرة…)؛
  التأشير على حركية الكاميرا( كاميرا ثابتة، وكاميرا يدوية، وكاميرا دائرية، وكاميرا علوية، وكاميرا مرتفعة، وكاميرا العربة، وكاميرا الزرافة، وكاميرا تراڤلينگ…)؛
  تعيين الشخصيات التي تنجز الأحداث من خلال مواصفات معينة ومحددة بدقة؛
  تشغيل المؤثرات الصوتية والموسيقية ( الصوت، والضجيج، والصمت، والموسيقا، والموسيقا التصويرية)؛
  تصوير الديكور والإكسسوارات؛
  كتابة الحوارات البسيطة العادية المقتضبة؛
  تحديد مدة كل لقطة ومشهد ومقطع وبكرة في انسجام متوازن مع مدة الفيلم (90 دقيقة أو 120 دقيقة).
  كتابة 120 مشهدا على النحو التالي: 30 مشهدا للبداية، و60 مشهدا للعرض أو العقدة، و30 مشهدا للنهاية؛
  تخصيص نصف ساعة للبداية والنهاية، وساعة كاملة للعقدة؛
  جدولة السيناريو على الورق بشكل هندسي مخطط مع مراعاة جميع المكونات التي ذكرناها سالفا لحاجة المخرج والمصور والممثل إلى نسخة من السيناريو من أجل فهم الحبكة السردية في جميع جوانبها وتمثل العمل جيدا على ضوء عناصرها البارزة.
الخاتمـــــة:
يتبين لنا من هذا العرض الوجيز أن كتابة السيناريو عملية صعبة وشاقة تتطلب جهدا كبيرا بالمقارنة مع كتابة المسرحية والرواية والقصة؛ لأن السيناريو يستلزم من كاتبه أن يكون محترفا متمرسا وعارفا بتقنيات السينما، وأن يكون مطلعا على آليات صناعة الفيلم وخفاياها وأسرارها وخدعها. هذا، وتكون علاقة السيناريست وطيدة مع المنتج والمخرج والمصور والممثل، فهو الذي يسهل عملية الإخراج والتصوير ويساعد الممثل على أداء دوره وتشخيصه أحسن تشخيص. ومن هنا، فكاتب السيناريو يعد في مجال الصناعة الفنية والفيلمية بمثابة مهندس للبناء السينمائي. وإذا انتقلنا إلى السينما العربية بصفة عامة والسينما المغربية بصفة خاصة فمشكلتها الحقيقية كمشكلة المسرح تكمن في قلة النصوص أو قلة السيناريوهات التي تتطلب من كتابها الإبداع والصبر في الإنتاج والتخطيط الجيد والاطلاع الكافي على خصوصيات الميدان السينمائي. لذا، نجد في المغرب المخرجين السينمائيين هم الذين يتولون مهمة كتابة السيناريو.
ومن هنا أقترح أن تؤسس معاهد خاصة لتدريس السيناريو أو تنشأ مسالك وشعب لدراسة هذه المادة في كليات الآداب والفنون الجميلة من أجل إثراء السينما العربية والسير بها نحو الأمام. وبالتالي، سيتفرغ المخرج لعمله الفني ويتفرغ كل عضو لعمله الخاص، ونترك كتابة السيناريو للسيناريست، والحوار للمتخصص في الحوار، والإخراج للمخرج، والمونتاج للمونتير، و التصوير للمصور ، والتأطير للمؤطر.


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق