عناصر
الفيلم السينمائي
بقلم
ترجع بداية الحديث عن السينما مع أعمال الأخوين الفرنسيين لوميير (1894)، وكانا قد استفادا من تطور الصورة الفوتوغرافية بعدما اخترعا الكونتسكوب، مستفيدين من أعمال داجير المطورة من قبل أديسون الذي لَمْلَمَ كثيرا من اختراعات سابقيه، ويعد تطور التقنيات الفوتوغرافية أساس الحديث عن إمكانية رؤية الصور المتحركة انطلاقا من تسلسل سريع جدا لمتواليات من الصور الثابتة. وقد كان أول فيلم أنجز من قبل الأخوين لوميير في فرنسا أطول من اللازم نظرا لبطء الحركة فيه استنادا إلى لضعف تقنيات التصوير آنذاك، وبعد ذلك أخذت السينما مجراها المعروف مع الأمريكيين وغيرهم خصوصا مع تنامي التفكير البرجوازي، لذلك تنوعت طبائع الأفلام فتعددت التقنيات السينمائية وتطورت.
يمكن بعد هذا التأطير اختزال عناصر الفيلم السينمائي عبر المراحل الآتية:
المرحلة الأولى: تعد مرحلة السيناريو بامتياز وهو في الأصل الكتابة البصرية للفيلم، أي أن السيناريست يضع نصب اهتمامه متفرجا مشاهدا، إذ يختلف بذلك عن القصاص أو الروائي لأن هذين الأخيرين يكتبان لقارئ مفترض وليس لمشاهد، ومنه ينبغي لكاتب السيناريو أن يكون مُلِما بطبيعة الكتابة البصرية وبطرق اشتغال الصورة السينمائية، وبكامل تمفصلات العمل السينمائي على العموم حتى يتمكن من إنجاح الفيلم في مرحلته الأولى.
المرحلة الثانية: تعد مرحلة للتصوير الفيلمي أو الإنجاز، حيث ننطلق من حالة الإمكان في المرحلة الأولى التي يحضر فيها عنصران فقط من طاقم العمل (السيناريست والمخرج)، إلى مرحلة الإنجاز والتحقق التي تحضر فيها عناصر مختلفة مساهمة في العمل بإجمال، نفردها كالآتي:
المخرج: دور الأساس هو نقل السيناريو من المكتوب إلى المشاهد، لكن هذه العملية تتطلب منه تدخل عناصر أخرى في النقل، وهو أساس نجاح الفيلم أو فشله وإليه نحتكم في الأخير.
المنتج: هو القائم بتموين العمل السينمائي وتمويله، قد يكون شركة خاصة للإنتاج أو مركزا سينمائيا تابعا للدولة.
المنتج: هو القائم بتموين العمل السينمائي وتمويله، قد يكون شركة خاصة للإنتاج أو مركزا سينمائيا تابعا للدولة.
الممثل: هو الذي يجسد الأدوار الموكولة له من قبل المخرج، ُُيحدث الحدث أو َيحدث له، ويتوزع هذا العنصر بين: الممثلون الأبطال والممثلون الثانويون والممثلون المسطحون؛ فأما الممثلون الأبطال وهم الذين يقوم عليهم الفيلم وتنطبع عليهم أحداثه وقيمه الظاهرة والخفية، نميز فيهم بين الأبطال العاديين، وهم الذين يصلون إلى موضوع القيمة نهاية"الكوميديا"، والأبطال المأساويين، وهم الذين لا يصلون إلى موضوع القيمة أخيرا"التراجيديا". أما الممثلون الثانويون فهم الذين يؤثرون في الأبطال ويتأثرون ويتغيرون، بينما لا يقوم عليهم الفيلم. أما الممثلون المسطحون أو الثانويون فهم العابرون الذين لا يتأثرون ولا يؤثرون ولا يتغيرون.
البنية الفنية للفيلم: لكل فيلم بنيته الفنية المخصوصة، لكن توجد بنية معيار تشمل الاستهلال والوسط والنهاية، وهذه البنية قد تختل في كثير من الأحيان، كما توضح ذلك الأفلام البوليسية، مثالا، التي تبدأ بالنهاية.
الحوار: هو النقاش الذي يدور بين ممثلي الفيلم ويؤدي إلى تنامي الحدث و تطور الصراع الدرامي، أي نمو اختلاف وجهات النظر بين الممثلين في قضايا محددة، ومنه تنمو قصة الفيلم حتى النهاية أي نهاية الصراع.
الحدث: هو الموضوع أو القصة التي يعالجها الفيلم السينمائي، وتتخللها بطبيعة الحال قيم اجتماعية وسياسية وغيرها يريد المخرج والكاتب إيصالها إلى المتفرج، وتختلف القصة بحسب نوع الفيلم، فالأفلام الدرامية والعاطفية تكون قصصها شبيهة بالأحداث اليومية إلا أنها تفضلها بكونها تؤدي إلى الصراع الدرامي، أما أفلام الحركة والخيال العلمي والرعب فتحكي قصصا ومغامرات ليست شبيهة بالأحداث اليومية المألوفة.
المشهد واللقطة: تعتبر الصورة أصغر جزء لا يتجزأ من الفيلم، ومجموع الصور تركب لقطة، كما أن المشهد مجموعة من اللقطات المتتالية المترابطة فيما بينها شكلا وموضوعا، وما الفيلم أخيرا إلا مجموعة من المشاهد، وكل مشهد بنية مستقلة بذاتها تربطها علاقات متضافرة وطيدة مع جميع المشاهد المكونة للبنية العامة للفيلم، وما دامت الصورة أصغر جزء فهي ليست ذات دلالة إلا في علاقتها ببعضها البعض أو ما يُكَون اللقطة.
الحركة والإنارة: تختلف الحركة والإنارة بحسب نوع الفيلم، فأفلام الحركة والخيال العلمي والرعب تكون فيها الإنارة ضعيفة والحركة سريعة؛ بينما الأفلام العاطفية والدرامية فتكون الحركة فيها بطيئة والإنارة قوية.
الفضاء والزمن: الفضاء هو كل مكان دال في الفيلم ويحيز أحداثه، كما أنه يؤثر في القيم وفي تحديد الوقائع، ونميز في الفضاء بين الفضاء الطبيعي العادي وفضاء الفيلم، إذا كان هذا الأخير يحتاج إلى أفضية تناسب طبيعة الأحداث المسرودة، أما الزمن فهو الذي يسيج الأحداث وقتيا وتكون له علاقة بنفسية الممثلين وطبيعة الأحداث، ويمكن التمييز فيه بين الزمن الفيزيائي العادي، والزمن النفسي والزمن الفيلمي تبعا لطبيعة السرد الفيلمي.
الديكور: يتعلق بتأثيث فضاءات الفيلم ونميز فيه بين الديكور الخاص بالفيلم والديكور العادي.
اللباس والأكسسوار:نميز هنا بين الزي واللباس العادي، فالزي له دلالة متعلقة بطبيعة الحدث والزمن والفضاء والرؤية إلى العالم والأشياء، وقد يضاف إلى الزي لمسات وأكسسوارات توضح طبيعة الأحداث والأفضية والأزمنة التي يعبرها الفيلم ويلوح بالقيم الإيديولوجية التي يريد المخرج إيصالها إلى المتفرج المتلقي.
اللباس والأكسسوار:نميز هنا بين الزي واللباس العادي، فالزي له دلالة متعلقة بطبيعة الحدث والزمن والفضاء والرؤية إلى العالم والأشياء، وقد يضاف إلى الزي لمسات وأكسسوارات توضح طبيعة الأحداث والأفضية والأزمنة التي يعبرها الفيلم ويلوح بالقيم الإيديولوجية التي يريد المخرج إيصالها إلى المتفرج المتلقي.
وجهة النظر: تتعلق بطبيعة الرؤية وكيف يحدد معالمها المخرج في التصوير، نميز فيها بين الرؤية من خلف أو الدرجة الصفر، حيث يتعلق الأمر بالرؤية الإلهية، يكون فيها السارد أعلم بممثليه من أنفسهم، يطلع على مكنوناتهم ويستبق الأحداث المتعلقة بهم، نعبر عنها ب: السارد> الممثل، ثم الرؤية المصاحبة أو الرؤية مع، يكون فيها السارد مساو لمعرفة الممثل بنفسه، ونعبر عنها ب: السارد = الممثل، ثم الرؤية من خارج، يكون فيها السارد أقل معرفة بالممثلين، ونعبر عنها ب: السارد< الممثل أو الكاميرا الموضوعية.
الموسيقى التصويرية: ترتبط بالجينيرك، وبتتبع أحداث الفيلم، إذ يمكن من خلالها التوصل إلى طبيعة الوقائع من حيث سرعتها وقيمتها واختلافها سلبا وإيجابا، كما أنها تساهم في دفع الرتابة عن التصوير والسرد الفيلميين.
الجينيريك: يتعلق بتحديد جميع المساهمين في العمل السينمائي في بداية الفيلم وفي نهايته وترفقه موسيقى تصويرية.
التقنيون: منهم المصورون ومهندسو الصورة والصوت والحركة والإنارة والقائمون بأعمال الديكور والأزياء والمكياج والأكسسوار...إلخ.
المرحلة الثالثة: يتعلق بالمونتاج السينمائي الذي يتكفل بتنظيم مشاهد الفيلم بحسب تسلسلها ونمو الحدث الرئيس، ونميز فيه بين المونتاج التعاقبي الذي يأخذ بعين الاعتبار التسلسل الزمني المنطقي للأحداث، والمونتاج الدائري الذي يربط البداية بالنهاية، والمونتاج الحلزوني الذي يخلخل من تراتب الأحداث باعتماد أسلوبي الاستباق والاسترجاع. ويتعلق الميكساج بتنظيم الصوت وتحديد طبيعة الموسيقى التصويرية وتوزيعها بحسب تسلسل الأحداث واختلافها، ويتدخل في هذه المرحلة عنصران مهمان هما المخرج والمونتير أو الذي يقوم بالمونتاج.
وتلعب السينما أخيرا عدة وظائف بحسب قصدية كل فيلم، كالوظيفة الترفيهية من خلال التمتع بأوقات الفراغ بمشاهدة أفلام، وكانت هذه الوظيفة هي الأولى للسينما، ثم الوظيفة الدعائية عبر التحريض على إيديولوجية معينة أو انتماء قيمي مخصوص، والوظيفة الجمالية حيث إن السينما من الفنون الجميلة التي تخلق المتعة الجمالية، وتعد هذه الوظيفة مهمة الفن كيفما كان، والوظيفة التعليمية من خلال تيسير بعض الدروس العلمية مثلا في الطب والصيدلة وغيرها.
المصدر:
http://www.diwanalarab.com/spip.php?page=article&id_article=27319
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق